Sunday, August 10, 2008

شيء مما كان

أنثر كلماتي.. وأغبط الشاعر
***

في ذلك الزمانِ الموغل في البعد

كأنه ذاكرةٌ خضراءُ يحرسُ نضارتهَا الحنين

ويغذّي جداولهَا دمعُ كل يوم

كان الغرباءُ قِلّة ومسالمين، يبدون

نأكل من أيديهم ومن أيدينا يأكلون

يلعبُ الأطفال معا

ويتنازعون القصصَ الملونة

بعيدا عن غضب المعلمة

***
في ذلك الزمان كان الفجرُ حنونا

يوقظنا على حبّه سبعونَ أذانا

وكانت الصباحاتُ نديّةً ومُسالمة

تحملُنا إلى مدارسنا وجامعاتنا وأعمالنا

على الصوت المخمليّ
والكلماتٍ الحييّة

وكانت دروبُ الينابيع والبساتين

والآفاقُ المشرقة

تتّسع لنا جميعا

النسائمُ لنا جميعا

والشمسُ لنا جميعا

وأنوارُ الفضة نلتقطُها معاً بأكفّنا الغضة

من دارة القمر

***
في ذلك الزمان الموغلِ في القِدم

حتى لَنتساءلَ : أكان أم لا ؟

كانت حلَقاتُ السمرٍ طويلة

تحت نداوةِ العرائش ووحشيةِ اللبلابِ المدلّل

وكانت موسيقى البيادرِ والحقول

وحدَها تستدعي النوم

* * *

ولأنّ النومَ كان لذيذا

تحت النوافذِ المشرعةِ على الليالي الهانئة

ماكان سهلاً أن نعلم

أنّ حارسَنا - دون إذنٍ منا - تبدّل

وأن الليالي تخون عاشقي الأوطان

مع الحارس الجديد

ثم تدورُ على أبوابهم لتضعَ علامة الموت

التي لايراها ولا يفهمُها

إلا خفافيشُ موصوفٌ لها دمُنا
***

ومهما بدّلنا من أبوابنا بعد

ومهما غلّقنا نوافذنا

ومهما تجنّبنا من دروب ومَراقٍ

كانت حواسُّ الخفافيشِ لا تخطئ

حتى زادت دماؤنا عن حاجتها

فدعت الجرذانَ والعقارب َإلى الوليمة المتجددة

لتنبعَ من كلّ مكان

وتدبَّ نحوَ العيون
****

وكلما ظننّا سحابةَ أملٍ أظلّتنا

وجدناها سربَ جرادٍ جديدا مدعواً إلى الوليمة
فلوريدا/ 2000

2 comments:

أم لبنى said...

لله درك يا أمي
كم أحب هذه القطعة
يمكن رسم لوحات منها
بل قصة في لوحات
سأحاول مع لبنى
تجربة
وهي متحمسة أن ترسم لك جداً

فاطمة said...

الله يرضى عليك.. أليست تعبر عن أيامنا..عدا أنها بحاجة للمسة تفاؤل في آخرها، بانتظار رسوم لبنى